في حادث مأساوي هزّ الشارع المصري وأثار موجة من الحزن والغضب، شهد الطريق الإقليمي بمركز أشمون في محافظة المنوفية بدلتا النيل، فاجعة كبرى أودت بحياة 19 فتاة عاملة وإصابة 3 آخرين، في تصادم مروع بين شاحنة نقل وحافلة صغيرة (ميكروباص). هذا الحادث، الذي سرعان ما أُطلق عليه لقب "شاحنة الموت"، كشف عن جوانب مؤلمة من واقع "شهيدات لقمة العيش" في مصر.
تفاصيل الفاجعة: لحظات أخيرة وقدر محتوم
وقع الحادث المروع يوم الجمعة الموافق 27 يونيو 2025، عندما كانت حافلة الميكروباص تُقل 19 فتاة تتراوح أعمارهن بين 14 و 22 عامًا، عائدات من عملهن الشاق في إحدى مزارع العنب. كانت الفتيات، ومعظمهن من قرية كفر السنابسة التابعة لمركز أشمون، يسعين لتأمين لقمة العيش ومساعدة أسرهن خلال فترة الصيف.
وفقًا للتحقيقات الأولية للنيابة العامة وتحريات الشرطة، فإن سبب الحادث يعود إلى تجاوز قائد الشاحنة للحاجز الفاصل بين الاتجاهين على الطريق، مما أدى إلى اصطدامه المباشر والعنيف بحافلة الميكروباص التي كانت تُقل الضحايا. هذا الاصطدام أسفر عن هذا العدد الكبير من الوفيات والإصابات البالغة، وحوّل فرحة العودة إلى البيوت إلى مأتم جماعي.
رصدت كاميرات المراقبة في أحد المخابز القريبة من موقع الحادث اللحظات الأخيرة للفتيات قبل وقوع الكارثة، وهي لقطات أضافت إلى حجم المأساة التي عاشتها القرية وأهالي الضحايا.
شهادة ناجية: الرعب على الأسفلت
أدلت إحدى الناجيات من الحادث، وتُدعى حبيبة، بشهادتها المروعة حول اللحظات الأخيرة قبل الصدام. أكدت حبيبة أنها لا تتذكر كيف وجدت نفسها ملقاة على الأسفلت بعد الاصطدام، حيث توقفت ذاكرتها عند انشغالها بالحديث مع ابنة خالها "شروق" قبل وقوع الحادث. فقدت الوعي ثم أفاقت لتجد نفسها داخل سيارة إسعاف مع ابنة عمتها، قبل أن تفقد الوعي مجددًا وتستفيق في المستشفى. كشفت حبيبة أن ابنة خالها لقيت مصرعها في الحادث، متمنية الشفاء لابنة عمتها والصبر لعمتها التي فقدت عددًا من بناتها في هذه الفاجعة.
ردود الفعل الرسمية والشعبية: حزن وغضب ومطالبات
أثار الحادث حزنًا واسعًا في مصر، خاصة وأن الضحايا كن طالبات في المدارس والجامعات ويعملن للإنفاق على أنفسهن ومساعدة أسرهن. شهدت قرية كفر السنابسة جنازة جماعية مهيبة، حيث شيّع الآلاف من الأهالي جثامين الضحايا في مشهد مؤثر امتزج فيه الحزن بالذهول، وتعالت أصوات النحيب وسط حالة من الانهيار التي خيّمت على الجميع.
على الصعيد الرسمي، تحركت الحكومة المصرية لتقديم الدعم لأهالي الضحايا:
إعفاء أسر الضحايا من المصروفات الدراسية.
صرف معاش استثنائي لهن من قبل وزارة التضامن الاجتماعي.
إطلاق أسماء الفتيات على المباني الحكومية والشوارع في قريتهن "كفر السنابسة" تخليدًا لذكراهن.
طالبت قرينة الرئيس المصري، انتصار السيسي، الهلال الأحمر بسرعة تقديم الدعم النفسي والمادي لأهالي الضحايا.
في المقابل، أثار الحادث غضبًا شعبيًا ومطالبات برلمانية بضرورة استجواب الحكومة حول تكرار الحوادث المرورية على هذا الطريق، وسوء حالته، وعدم وجود إشارات أو لوحات إرشادية كافية، مما يتطلب اتخاذ تدابير عاجلة لضمان الأمن والسلامة على الطرق.